الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

النُّصْحُ فِي التَّوْبَةِ يَتَضَمَّنُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ للامام ابن القيم رحمه الله

النُّصْحُ فِي التَّوْبَةِ يَتَضَمَّنُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ:

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَاأَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [التحريم: 8]
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
قُلْتُ: النُّصْحُ فِي التَّوْبَةِ يَتَضَمَّنُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ:
الْأَوَّلُ:
 تَعْمِيمُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ وَاسْتِغْرَاقُهَا بِهَا بِحَيْثُ لَا تَدَعُ ذَنْبًا إِلَّا تَنَاوَلَتْهُ.
وَالثَّانِي:
إِجْمَاعُ الْعَزْمِ وَالصِّدْقِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَيْهَا، بِحَيْثُ لَا يَبْقَى عِنْدَهُ تَرَدُّدٌ، وَلَا تَلَوُّمٌ وَلَا انْتِظَارٌ، بَلْ يَجْمَعُ عَلَيْهَا كُلَّ إِرَادَتِهِ وَعَزِيمَتِهِ مُبَادِرًا بِهَا.
الثَّالِثُ:
تَخْلِيصُهَا مِنَ الشَّوَائِبِ وَالْعِلَلِ الْقَادِحَةِ فِي إِخْلَاصِهَا، وَوُقُوعُهَا لِمَحْضِ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ وَخَشْيَتِهِ، وَالرَّغْبَةِ فِيمَا لَدَيْهِ، وَالرَّهْبَةِ مِمَّا عِنْدَهُ، لَا كَمَنْ يَتُوبُ لِحِفْظِ جَاهِهِ وَحُرْمَتِهِ، وَمَنْصِبِهِ وَرِيَاسَتِهِ، وَلِحِفْظِ حَالِهِ، أَوْ لِحِفْظِ قُوَّتِهِ وَمَالِهِ، أَوِ اسْتِدْعَاءِ حَمْدِ النَّاسِ، أَوِ الْهَرَبِ مِنْ ذَمِّهِمْ، أَوْ لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ عَلَيْهِ السُّفَهَاءُ، أَوْ لِقَضَاءِ نَهْمَتِهِ مِنَ الدُّنْيَا، أَوْ لِإِفْلَاسِهِ وَعَجْزِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْعِلَلِ الَّتِي تَقْدَحُ فِي صِحَّتِهَا وَخُلُوصِهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

فَالْأَوَّلُ يَتَعَلَّقُ بِمَا يَتُوبُ مِنْهُ،
 وَالثَّالِثُ يَتَعَلَّقُ بِمَنْ يَتُوبُ إِلَيْهِ،
 وَالْأَوْسَطُ يَتَعَلَّقُ بِذَاتِ التَّائِبِ وَنَفْسِهِ،

فَنُصْحُ التَّوْبَةِ الصِّدْقُ فِيهَا، وَالْإِخْلَاصُ، وَتَعْمِيمُ الذُّنُوبِ بِهَا، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ التَّوْبَةَ تَسْتَلْزِمُ الِاسْتِغْفَارَ وَتَتَضَمَّنُهُ، وَتَمْحُو جَمِيعَ الذُّنُوبِ، وَهِيَ أَكْمَلُ مَا يَكُونُ مِنَ التَّوْبَةِ،
 وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
مدارج السالكين(254/2)



http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=43831