الخميس، 20 مارس 2014

فوائد منقولة من شرح الشيخ محمد بازمول كتاب مقدمة في أصول تفسير القرآن للإمام ابن تيمية رحمه الله



فوائد منقولة من شرح الشيخ محمد بازمول
كتاب مقدمة في أصول تفسير القرآن
للإمام ابن تيمية رحمه الله

الفائدة الأولى :
فائدة لمن وجد صعوبة في حفظ القرآن وفهم معانية :
يقول : لو جاء أحد يفسر قوله تعالى: (ذلك الكتاب) بمعنى : هذا الكتاب؛ لكان في تفسيره هذا قصور في بيان معنى الآية، نعم هذا التفسير قرب المعنى لكنه لم يؤد المعنى كاملاً،
لأنك لو نظرت في كتب التفسير الذين يراعون هذه الألفاظ والتراكيب في الأسلوب القرآني يقولون : (ذلك الكتاب) لماذا استعمل وصف الإشارة للبعيد ، والقرآن قريب بين يدي من يقرؤه ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقرؤه وهو قريب؟
قالوا : الإشارة إلى بُعده وعلوه وعظمته لما للقرآن من علو وعظمة ينبغي أن تكون في نفوس الناس لأنه كلام الله .
أو على التفسير الإشاري - وهو هنا معنى مقبول -، أن نقول : لبُعد من تلبس بخلاف تعاليمه عن الوقوف على معانيه لبعده في معانيه .
مثل قوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة:79) ،
فإن أهل العلم قالوا : في هذه الآية إشارة إلى أن من لم يُخَلِّص نفسه وداخله عن المعاصي والذنوب فإنه لا يقف على فهم معاني القرآن ،
فكذا قوله : ( ذلك الكتاب ) إشارة إلى بعده وعلوه عن أن يبلغ أفهام من تلبس بالذنوب والمعاصي ،
 فاسم الإشارة ( ذلك ) فيه : إشارة إلى البُعْد ، بينما اسم الإشارة ( هذا ) فيه : إشارة إلى القرب ،
والحقيقة : أن هذا القرآن بعيد معنوياً في مكانته وفضله ، وبعيد عن أن تنال معاني ألفاظه لمن بَعُدَ عن تعاليمه فائتمر بما فيه من الأوامر وانتهى عما فيه من النواهي،
فهذا المعنى باسم الإشارة ( ذلك ) للبعيد ليس موجوداً في اسم الإشارة ( هذا ) للقريب ، فمن فسَّر ( ذلك الكتاب ) بمعنى : هذا الكتاب ، أو هذا القرآن ؛ لم يأت بالمعنى المراد بكامله، وإنما قرَّر بعض المعنى.
--------------------------------------------.
الفائدة الثانية
فائدة لمن يترك حفظ القرآن خوف ينساه :

بعض الناس يستدل بهذه الآية : (كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ) ، ويستدل ببعض الأحاديث الضعيفة يقول : أنا لا أريد أن أحفظ القرآن الكريم لماذا ؟ يقول : أخشى إن أنا حفظت القرآن أن أنساه فإن نسيتُه يكون عذابي ما جاء في هذه الآية .
 فالجواب أن نقول: إنه لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم توعد من حفظ القرآن ونسيه . لم يثبت في ذلك شيء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وكل ما ورد هو أحاديث ضعيفة ، والثابت عنه عليه الصلاة والسلام أنه رغب في حفظ القرآن الكريم وحث عليه وأمر بتعاهده وأكد على ذلك فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنْ الْإِبِلِ فِي عُقُلِهَا ) [ رواه البخاري ومسلم وغيرهما واللفظ لمسلم ] ، فأمر بالتعاهد لهذا القرآن الكريم وأدَّب صلى الله عليه وسلم من حفظ شيئاً من القرآن ونسيه أن لا يقول : ( نسيت آية كذا وكذا) وليقل : أنسيت آية كذا وكذا فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( بِئْسَمَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ سُورَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ أَوْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ هُوَ نُسِّيَ ) [رواه البخاري ومسلم وغيرهما واللفظ لمسلم] . فلو كان هناك من نسي شيئاً من القرآن بعد حفظه له آثماً لبين ذلك الرسول r لولما اكتفى بقوله: (لا يقل نسيت وليقل أُنسيت آية كذا وكذا
فلا دليل شرعي ثابت في أن من حفظ شيئاً من القرآن ونسيه أنه يأثم أو أن عليه وزر. إنما من تهاون فيما حفظه ولم يتعاهده فقد فرط في خير كثير وفضل عظيم يسره الله له، 
فالمراد بالنسيان هنا في هذه الآية : هو ما ذكرناه ؛
الإعراض بمعنى: الجحود والتكذيب والتولي، وهو كفر أكبر .
والإعراض على سبيل الفسق والمعصية والذنب.
أما النسيان بالنسبة إلى الله عز وجل : (وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) أي : تترك في العذاب ، وهذا يبين أن معنى : (نسيتها) أي: تركت العمل بها ، وكذا يكون الجزاء من جنس العمل ، فكما تركت العمل بها فالله يتركك في العذاب،
 فإن كنت من أهل المعاصي تترك في العذاب حتى توافق بالعذاب ما شاء الله عز وجل لك من العذاب : (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)(النساء: من الآية48) ، فمن كان من أهل المعاصي والذنوب وأراد الله عذابه فإنه يتركه في العذاب بقدر ما يوافي ذنوبه ، ومن ترك العمل بشرع الله جحوداً وتكذيباً وتولياً فحصل فيه كفر التولي والإعراض أو كفر الجحود أو كفر التكذيب فهذا يترك في النار خالداً مخلداً لأنه أصبح من الكافرين الخارجين من الملة.

--------------------------------------------.
الفائدة الثالثة
معلومة حول كتب معاني كلمات القرآن :
فليس كل ما جاز لغة جاز تفسيراً، وهناك قوم من المفسرين يستندون في تفسيرهم على الاستدلال، يفسرون الآيات والأحاديث بحسب اللغة ، فنتج عن هذا إهمال المرادات الشرعية؛ فأضاعوا الحقائق الشرعية للألفاظ، وأضاعوا الحقائق العرفية للألفاظ، وبالتالي صار عندنا تفسير قرآن ليس هو التفسير الذي أراده الله سبحانه وتعالى.
وهذا من أكبر الأخطاء في الكتب الصغيرة التي تسمى (كلمات القرآن) ، فإن أغلب الذين يفسرون في كلمات القرآن يفسرون من حيث اللغة، وقد سبق ذكر أمر آخر يقع في مثل هذه الكتب وهو: أنه قد يأتي للفظة القرآنية أكثر من معنى وهو لا يورد إلا معنى واحداً، فيتحكم في ذلك، وقد يكون هذا المعنى الواحد بعض المراد لا كله، وهذا قصور!

--------------------------------------------.
الفائدة الرابعة
معنى الفقه في الدين

ما معنى الفقه في الدين ؟
(الفقه في الدين) ليس المقصود به كثرة العلم بالمسائل؛ إنما الفقه في الدين هو: ما يكون في نفس المرء من الخشية لله المقتضية للالتزام بحكم الله، إن كان أمراً بامتثاله، وإن كان نهياً بالانتهاء عنه، فالفقه في الدين هو هذه الخشية، قد يكون إنسان عامي ليس من العلماء لكنه فقيه في الدين، بمعنى : أن وازع الخشية والتعظيم والمتابعة عنده قوي، وقد يوجد إنسان عالم بالمسائل الفقهية وبمسائل العلم؛ لكنه ليس بفقيه في الدين . .......

فقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "وعلمه التأويل"، يعني: التفسير وحقائق المعاني، فهو دعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما، بأن يقوِّي لديه الوازع الديني بتعظيم الله ومتابعة شرع الله والعمل بما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يرزقه بصيرة وفهماً يتبين بها ويتضح له بها معاني النصوص .

--------------------------------------------.