شبهة : فلان كتب له القبول في الأرض !
فلان له جهود وثمار في الدعوة ، وأصلح الله على يديه كثيرين .
قال فضيلة الشيخ أحمد بن عمر بن سالم بازمول -- حفظه الله –
ومعنى هذه الشبهة : أن الداعية الفلاني الذي
انتقده أهل العلم ، وبينوا أخطاءه على حق ، لأن الله كتب له المحبة في قلوب الناس
، وأتباعه كثيرون ، ولأن الناس انتفعوا بدعوته ، فهذا يدل على أنه على خير ، ولو
كانت عنده أخطاء .
وهذه شبهة باطلة من عدة وجوه
:
الأول : أن العبرة بموافقة الحق ، لا بكثرة الأتباع أو
قلتهم .
قال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( عرضت علي
الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل و الرجلان ، والنبي ليس معه أحد )) .
الثاني : أن القبول المزعوم مصطنع
من أصحاب المناهج الفاسدة بالهالة الإعلامية التي يقومون بترويجها على عامة الناس
، لكن القبول و المحبة التي جاءت في النصوص الشرعية ابتداؤهما من الله عزوجل
قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّاِ "
قال ابن عبدالبر : (( الود و المحبة بين الناس
الله يبتدئها ويبسطها ))
وقال ابن كثير : (( يخبر تعالى أنه يغرس
لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات وهي الأعمال التي ترضي الله عزوجل
لمتابعتها الشريعة المحمدية يغرس لهم في قلوب عباد الصالحين محبة ومودة وهذا أمر
لابد منه و لامحيد عنه ))
الثالث : أن القبول أمر غيبي لا
يعلمه إلا الله ، فلايمكن الجزم به ، فقد يثني الناس على من عمله شرك أصغر .
كما في حديث أبي هريرة : أول ثلاثة تسعر بهم النار : رجل استشهد ، ورجل
تعلم العلم وعلمه وقرأ القران ، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله ،
كلهم أثني عليهم الناس في الدينا ، وصير بهم إلى النار ، لأنهم مراءون .
الرابع : أن العبرة بالعلم الشرعي
، لا بمجرد التأثير والقدرة على جذب الناس .
قال الشيخ ابن عثيمين :
(( الواجب
أن تنظروا إلى العلم ، لأن العلم هو الأصل ، وأما القدرة على التأثير وعلى الدعوة
فهذا باب آخر ، فكم من إنسان جاهل في ميزان أهل العلم يعني في علم الشريعة ، لكن
عنده قوة تأثير حينما يتكلم بوعظ أو ما أشبه ذلك .
فالواجب على الإنسان : ألا يأخذ دينه إلا ممن هو أهل اللأخذ منه ))
وقال الشيخ صالح الفوزان :
(( كون
عنده شيء من الحق ، فهذا لا يبرر الثناء عليه أكثر من المصلحة ، ومعلوم أن قاعدة
الدين ( إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)
وفي معاداة المبتدع درء مفسدة عن الأمة ترجح على ما عنده من المصلحة
المزعومة ، إن كانت ، ولو أخذنا بهذا المبدأ لم يضلل أحد ، ولم يبدع أحد ، لأنه ما
من مبتدع إلا وعنده شيء من الحق ، وعنده شيء من الالتزام ))
الخامس : أين القبول المزعوم ،
وأهل العلم والإيمان يردون عليهم ويبينون أخطاهم ومنهجهم الفاسد ، ويحذرون منهم
بما ظهر لهم من سوء قولهم ؟
كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
(( إن
إناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن الوحي قد
انقطع ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم ، فمن أظهر لنا خيراً أمناه
وقربناه وليس إلينا من سريرته شيء الله يحاسبه في سريرته ، ومن أظهر لنا سوءًا لم
نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة ))
ثم إن العبرة بقول أهل العلم لا كل أحد
قال الذهبي : (( إنما العبرة بقول جمهور
الأمة الخالين من الهوى و الجهل ، المتصفين بالورع والعلم ))
وقال الشيخ صالح الفوزان :
(( العلماء
الراسخون الذين يؤخذ بقولهم ، لا علماء والضلال و لا المتعالمين ، ولا الجهال ))
كتبه : - أبو معاذ مجدي
أبوبكر عبد الكريم العوامي
الخميس الموافق 19/ شوال /1433 للهجرة النبوية الشريفة
من كتاب: - المعين لتوضيح معاني أثر الإمام ابن سيرين إن
هذا العلم الدين