الثلاثاء، 31 مايو 2011

سلسلة الشهادتين وما يتعلق بهما ‏‏( ٢)‏




بسم الله ، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،أما بعد ..       

أيها الإخوة والأخوات، تحدثنا سابقاً عن معنى الشهادتين وأركانها واليوم موضوعنا في هذه السلسلة عن شروط الشهادتين









ثالثًا‏:‏ شروط الشهادتين 



ـ شروط لا إله إلا الله 



لابد في شهادة أن لا إله إلا الله من سبعة شروط، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها؛ وهي على سبيل الإجمال‏:‏ 

الأول‏:‏ العلم المنافي للجهل‏.‏ 

الثاني‏:‏ اليقين المنافي للشك‏.‏ 

الثالث‏:‏ القبول المنافي للرد‏.‏ 

الرابع‏:‏ الانقيادُ المنافي للترك‏.‏ 

الخامس‏:‏ الإخلاص المنافي للشرك‏.‏ 

السادس‏:‏ الصدق المنافي للكذب‏.‏ 

السابع‏:‏ المحبة المنافية لضدها وهو البغضاء‏.‏ 

وأما تفصيلها فكما يلي‏:‏



الشرط الأول‏:‏ العلم 



أي العلم بمعناها المراد منها وما تنفيه وما تُثبته، المنافي للجهل بذلك، قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِلا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏الزخرف/86‏]‏‏.‏ 

أي‏:‏ ‏(‏شهد‏)‏ بلا إله إلا الله، ‏(‏وهُم يعلمون‏)‏ بقلوبهم ما شهدت به ألسنتهم، فلو نطَقَ بها وهو لا يعلم معناها، لم تنفعهُ؛ لأنه لم يعتقدْ ما تدل عليه‏.‏ 





الشرط الثاني‏:‏ اليقين 



بأن يكون قائلها مستيقنًا بما تدلّ عليه؛ فإن كان شاكًّا بما تدل عليه لم تنفعه، قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا‏}‏ ‏[‏الحجرات/15‏]‏‏.‏ 

فإن كان مرتابًا كان منافقًا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من لقيتَ وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا قلبه فبشره بالجنة‏)‏ ‏[‏الحديث في الصحيح‏]‏ فمن لم يستيقن بها قلبه، لم يستحق دخولَ الجنَّة‏.‏ 





الشرط الثالث‏:‏ القبول 



لما اقتضته هذه الكلمة من عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه؛ فمن قالها ولم يقبل ذلك ولم يلتزم به؛ كان من الذين قال الله فيهم‏:‏ ‏{‏إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ‏}‏ ‏[‏الصافات/35، 36‏]‏‏.‏ 

وهذا كحال عباد القبور اليوم؛ فإنهم يقولون‏:‏ ‏(‏لا إله إلا الله‏)‏، ولا يتركون عبادة القبور؛ فلا يكونون قابلين لمعنى لا إله إلا الله‏.‏ 





الشرط الرابع‏:‏ الانقياد 



لما دلت عليه، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى‏}‏ ‏[‏لقمان/22‏]‏‏.‏ 

والعروة الوثقى‏:‏ لا إله إلا الله؛ ومعنى يسلم وجهه‏:‏ أي ينقاد لله بالإخلاص له‏.‏ 





الشرط الخامس‏:‏ الصدق 



‏:‏ وهو أن يقولَ هذه الكلمة مصدقًا بها قلبُه، فإن قالَها بلسانه ولم يصدق بها قلبُه؛ كان منافقًا كاذبًا، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة/8-10‏]‏‏.‏ 





الشرط السادس‏:‏ الإخلاصُ 



وهو تصفيةُ العمل من جميع شوائب الشرك؛ بأن لا يقصد بقولها طمعًا من مطامع الدنيا، ولا رياء ولا سمعة؛ لما في الحديث الصحيح من حديث عتبان قال‏:‏ ‏(‏فإنَّ الله حرّم على النار من قال‏:‏ لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله‏)‏ ‏[‏الحديث أخرجه الشيخان‏]‏‏.‏ 





الشرط السابع‏:‏ المحبة 



لهذه الكلمة، ولما تدل عليه، ولأهلها العاملين بمقتضاها، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا للهِ‏}‏ ‏[‏البقرة/165‏]‏‏.‏

فأهل ‏(‏لا إله إلا الله‏)‏ يحبون الله حبًّا خالصًا، وأهل الشرك يحبونه ويحبون معه غيره، وهذا ينافي مقتضى لا إله إلا الله‏.‏ 





ـ وشروطُ شهادة أنَّ محمدًا رسولُ الله هي‏:‏ 



1- الاعتراف برسالته، واعتقادها باطنًا في القلب‏.‏                           

2- النطق بذلك، والاعتراف به ظاهرً باللسان‏.‏.                                

3- المتابعة له؛ بأن يعمل بما جاء به من الحق، ويترك ما نهى عنه من الباطل.           ‏‏  

4- تصديقه فيما أخبر به من الغيوب الماضية والمستقبلة‏.‏.                  

5- محبته أشد من محبة النفس والمال والولد والوالد والناس أجمعين‏.‏ 

6- تقديم قوله على قول كل أحد، والعمل بسنته‏.‏                             



مقتضى الشهادتين ونواقضها هو موضوع السلسلة القادمة والأخيرة..                                     



المصدر:

 كتاب عقيدة التوحيد

للشيخ صالح بن فوزان الفوزان ـ حفظه الله تعالى-

الأحد، 29 مايو 2011

الترغيب في الحج

 

* الترغيب في الحج *

الحمد لله الذي فرض الحج على عباده إلى بيته الحرام ورتّب على ذلك جزيل الأجر ووافر الإنعام فمن حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنبوبه كيوم ولدته أمه نقياً من الذنوب والآثام والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة دار السلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والإنعام وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وزكى وحج وصام صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسانٍ ما تعاقبت الليال والأيام وسلم تسليماً..

أما بعد:

 فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأدوا ما فرض الله عليكم من الحج إلى بيته حيث استطعتم إلى ذلك سبيلاً فقد قال الله عز وجل ) وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)(آل عمران: من الآية97) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان تحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الإسلام بني على بني على هذه الخمس فلا يتم إسلام عبد حتى يحج ولا يستقيم بنيان إسلامه حتى يحج وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من له جزيه أي كل من كان غنياً ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين ، ففريضة الحج ثابتةٌ بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وبإجماع المسلمين عليها إجماعاً قطعياً فمن أنكر فريضة الحج فقد كفر ومن أقر بها وتركها تهاوناً فهو على خطر فإن الله تعالى قال بعد ذكره ايجابه على الناس ) وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)(آل عمران: من الآية97) ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن الإنسان الذي يستطيع الحج فلم يحج يكون كافراً مرتداً عن الإسلام وإن كان جمهور العلماء وهو على خلاف ذلك وهو الصحيح لكن الإنسان إذا تركه وهو مستطيعٌ فهو على خطر أيها المسلمون كيف تطيب نفس المؤمن أن يترك الحج مع قدرته عليه بماله وبدنه وهو يعلم أنه من فرائض الإسلام وأركانه كيف يبخل بالمال على نفسه في أداء هذه الفريضة وهو ينفق المال الكثير في ما تهواه نفسه كيف يوفر نفسه عن التعب في الحج وهو يرهق نفسه في التعب في أمور دنياه كيف يتثاقل فريضة الحج وهو لا يجب في العمر إلا مرةً واحدة؟ كيف يتراخى في تأخيره وهو لا يدري لعله لا يستطيع الوصول إليه بعد؟ فاتقوا الله عباد الله وأدوا ما فرض الله عليكم من الحج تعبداً لله ورضاً بحكمه وسمعاً وطاعةً لأمره إن كنتم مؤمنين وما كان كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً أيها المسلمون إن المؤمن إذا أدى الحج والعمرة بعد بلوغه مرةً واحدة فقد أسقط الفريضة عن نفسه وأكمل بذلك أركان إسلامه ولم يجب عليه بعد ذلك حجٌ ولا عمرة إلا أن ينذر الحج أو العمرة فمن نذرهما وجب عليه الوفاء بما نذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من نذر أن يطيع الله فليطعه) أيها المسلمون إن من تمام رحمة الله ومن بالغ حكمته أن جعل للفرائض حدوداً وشروطاً لتنضبط الفرائض وتتحدد المسؤولية وجعل هذه الحدود والشروط في غاية المناسبة في الزمان والمكان والفاعل ومن هذه الفرائض الحج فله حدودٌ وشروطٌ لا يجب على المسلم إلا بها فمنها البلوغ فلا يجب الحج على من كان لم يبلغ ويحصل البلوغ في الذكور بواحدٍ من أمورٍ ثلاثة إنزال المني أو تمام خمسة عشرة سنة أو نبات شعر العانة وفي الإناث بهذه الثلاثة وزيادة أمرٍ رابعٍ وهو الحيض فمن لم يبلغ فلا حج عليه ولو كان غنياً لكن لو حج صح حجه تطوعاً وله أجره فإذا بلغ أدى الفريضة لأن حجه قبل البلوغ لا يسقط به الفرض لأنه لم يفرض عليه بعد فهو كما لو تصدق بمالٍ ينوي به الزكاة قبل أن يملك نصاب الزكاة وعلى هذا فمن حج ومعه أبناءه أو بناته الصغار فإن حجوا معه كان له أجر ولهم ثواب الحج وإن لم يحجوا فلا شيء عليه ولا عليهم ولكني أقول من رأي فإن كان خطاءً فاسأل الله أن يعفو عني وإن كان صواباً فلله الحمد والمنة أقول إنه في أوقاتنا هذه وفي هذا الزحام الشديد والتعب ينبغي للإنسان لا يحجج أولاده الصغار وإن كانوا معه فلا يجعلهم يحرمون بحجٍ ولا عمرة لما في ذلك من المشقة عليهم وعليه والله عز وجل يحب من عباده بل والله تعالى يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر لو كان الأمر سهلاً وكان الوقت واسعاً والناس قليلٌ في مكة لقلنا إنه إذا حج بهم كان أكمل وأفضل أما في أوقات الزحام والمواسم كموسم الحج وأيام رمضان فالذي أرى أن لا يحجج الأولاد الصغار لما في ذلك من المشقة عليهم وعلى آبائهم أيضاً والذي ورد في السنة (أن امرأةً سالت النبي صلى الله عليه وسلم حين رفعت إليه صبياً ألهذا حجٌ؟ قال: نعم ولك أجر) ولا أعلم في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة أن يجعلوا أولادهم الصغار يحرمون لكنه أقرهم على ذلك ومن شروط وجوب الحج أن يكون الإنسان مستطيعاً بماله وبدنه لأن الله شرط ذلك للوجوب في قوله ) مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(آل عمران: من الآية97) فمن لم يكن مستطيعا فلا حج عليه فالاستطاعة بالمال أن يملك الإنسان ما يكفي لحجه زائداً عن حوائج بيته وما يحتاجه من نفقةٍ وكسوةٍ له ولعياله وأجرة سكن وقضاء ديونٍ حآلة فمن كان عنده مالٌ يحتاجه لما ذكر لم يجب عليه الحج ومن كان عليه دينٌ حآل لم يجب عليه الحج حتى يوفيه والدين كل ما ثبت في ذمة الإنسان من قرضٍ وثمن مبيعٍ وأجرة وغيرها فمن كان في ذمته درهمٌ واحدٌ حآلٌ فهو مدينٌ ولا يجب عليه الحج حتى يبرأ منه بوفاء أو إسقاط لأن قضاء الدين مهمٌ جداً حتى إن الرجل لو قتل في  سبيل الله شهيداً فإن الشهادة تكفر عنه كل شيء إلا الدين فإنها لا تكفره وحتى إن الرجل ليموت وعليه الدين فتعلق نفسه بدينه حتى يقضى عنه كما روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وحتى إن الرجل يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فيسأل هل عليه دين؟ فإذا قالوا عليه دينٌ لا وفاء له تأخر ولم يصلي عليه وقال صلوا أنتم على صاحبكم ومن العجب أن بعض الناس اليوم يتهاونون بالدين فيستدينون أموالاً طائلة لا لضرورة بل ولا لحاجةً أحيانا وهم يشاهدون الورثة إذا مات ميتهم وعليه دين لا يبالون به ولا يوفونه بسرعة بل يتأخرون به بل ربما يكون عليه ديونٌ كثيرة وله عقاراتٌ كثيرة وينتظرون بهذه العقارات زيادة الثمن ولا يبالون بالميت الذي هو أولى بماله منهم ولهذا لا يحل للوارث درهمٌ واحد حتى يوفى دين الميت عنه أما الدين المؤجل فإن كان موثقاً برهنٍ يكفيه لم يسقط به وجوب الحج فإذا كان على الإنسان دينٌ قد أرهن به طالبه ما يكفي الدين وبيده مالٌ يمكنه أن يحج والدين مؤجل فإنه يجب عليه الحج لأنه قد استطاع إليه سبيلاً أما إذا كان الدين المؤجل غير موثقٍ  برهنٍ يكفيه فإن الحج لا يجب عليه حتى يبرأ من دينه أيها المسلمون هذه هي الاستطاعة بالمال أما الاستطاعة بالبدن فأن يكون الإنسان قادراً على الوصول بنفسه إلى البيت بدون مشقة فإن كان لا يستطيع الوصول إلى البيت أو يستطيع الوصول بمشقةٍ شديدة كالمريض والكبير فإنه في هذه الحال إذا كان مرضه لا يرجى برئه يقيم من يحج ويعتمر عنه من أقاربه أو غيرهم فإن مات قبل أن يؤكل حج عنه من تركته وإذا لم يكن للمرأة محرم فليس عليها حج لأنها لا تستطيع السبيل إلى الحج فإن المرأة ممنوعةٌ شرعاً من السفر بدون محرم قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول : (لا يخلون رجلٌ بامرأةٍ إلا ومعه ذو محرم ولا تسافر امرأةٌ إلا مع ذي محرم فقام رجلٌ فقال يا رسول إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم انطلق فحج مع امرأتك) فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يدع الغزو وأن يذهب يحج مع امرأته ولم يستفصل النبي صلى الله عليه وسلم هل كانت امرأته شابة أو كان معها نساء أو ليست كذلك وهو دليل على أن المرأة يحرم عليها السفر بكل حال إذا كان بدون محرم سواءٌ كانت على طائرة أو سيارة والمحرم زوجها وكل من يحرم عليه نكاحها تحريماً مؤبداً كالأب والجد وإن علا والابن وابن الابن وإن نزل والأخ وابن الأخ وإن نزل وابن الأخت وإن نزل والعم والخال سواءٌ كان عماً للإنسان نفسه أو عماً لأبيه أو أمه وسواءٌ كان خالاً للإنسان نفسه أو خالاً لأبيه أو أمه فخال الإنسان خالٌ له ولذريته إلى يوم القيامة وعم الإنسان عمٌ له ولذريته إلى يوم القيامة سواءٌ كان ذلك من نسبٍِ أو رضاع ومن المحارم أيضا المحارم بالصهر كأب الزوج وإن علا وأبنه وإن نزل وزوج البنت وإن نزلت وزوج الأم وإن علت إذا كان قد دخل بها ولا بد أن يكون المحرم بالغاً عاقلاً فمن كان دون البلوغ فإنه لا يكفي أن يكون محرماً لأن المقصود من المحرم حفظ المرأة وصيانتها وهيبتها وذلك لا يحصل بالصغير أيها المسلمون من رأى من نفسه أنه قد أستكمل شروط وجوب الحج فليبادر به ولا يتأخر فإن أوامر الله ورسوله على الفور بدون تأخير قال ابن القيم رحمه وهو من أكبر كلامه بشيخ الإسلام ابن تيميه من ترك الحج عمداً مع القدرة عليه حتى مات أو ترك الزكاة فلم يخرجها حتى مات فإن مقتضى الدليل وقواعد الشرع إن فعلهما بعد موته لا يبرء ذمته ولا يقبل منه قال والحق أحق أن يتبع والإنسان أيها المسلمون لا يدري ما يحصل في المستقبل وقد يسر الله ولله الحمد في هذه البلاد يسر لنا ما لم يسره لغيرنا من سهولة الوصول إلى البيت وأداء المناسك فقابلوا هذه النعمة بشكرها وأدوا فريضة الله عليكم قبل أن يأتي أحدكم الموت فيندم حين لا ينفع الموت وأسمعوا قول الله تعالى )وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (الزمر:54) )وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ  لا تَشْعُرُونَ) (الزمر:55) )أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) (الزمر:56) )أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (الزمر:57) )أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (الزمر:58) ومن حج على الوجه الشرعي مخلصاً لله متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تم حجه سواءٌ كان قد تمم له أو لم يتمم له وأما ما يعتقده بعض العوام أن من لم يتمم له فلا حج له فهذا غير صحيح ولا علاقة بين التميمة والحج وكذلك يجوز الحج ولو كان على الإنسان أيامٌ من رمضان لم يقضها لأنه لا علاقة بين الحج وقضاء الصوم ووفقني الله وإياكم للقيام بفرائضه والتزام حدوده وزودنا من فضله وكرمه وحسن عبادته ما تكمل به فرائضنا وتزداد به حسناتنا ويكمل به إيماننا ويرسخ به ثباتنا إنه جوادٌ كريم برٌّ رحيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

الحمد لله أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً..

أما بعد

فيا عباد الله اتقوا الله تعالى واخشوا يوماً لا يجزي والدٌ عن ولده ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئاً إن وعد الله حقٌ فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور أدوا أيها  المسلمون ما فرض الله عليكم من الحج لا تهملوا ولا تتهاونوا ولا تتكاسلوا فإن الحج أحد أركان الإسلام العظيمة التي بني عليها والتي لا يتم الإسلام إلا بها أدوا ذلك مخلصين لله متبعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كان منكم عنده أحدٌ من العمال وهو لم يحج حج الفريضة فإنه ينبغي له أن يسهل له الأمر وأن يعينه على ذلك وأن لا يمنعه من الحج لأنه يؤجر على هذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من جهز غازياً فقد غزا) فينبغي لنا إذا رأينا شخصاً لم يؤدي الفريضة وهو محتاج إلى المساعدة أن نساعده بقدر ما نستطيع لا سيما إذا كان تحت كفالتنا وتحت تصرفنا فالذي ينبغي لنا أن نساعده ونعينه لنكسب أجره ونحصل بذلك على الخير ولن يفوت شيءٌ كثير فإن الإنسان يمكنه أن يذهب في اليوم السادس أو السابع بل ربما والثامن ويرجع في اليوم الثالث عشر فما هي إلا خمسة أيامٍ أو نحوها وإذا تركها الإنسان بل وإذا ترك الإنسان العمل بها لله عز وجل فإن الله تعالى يعوضه بالخير والبركة فأعينوا إخوانكم فإن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته وأعلموا أيها المسلمون أن خير الحديث كتاب الله عز وجل فإن كتاب الله عز وجل هو كلامه الذي أنزله على أفضل خلقه على محمدٍ صلى الله عليه وسلم وتعبد به عبادة تعبدهم بتلاوته لفظاً وبفهم معناه وبالعمل به فهو كتاب الله المبين وهو الكتاب العظيم الكريم الحكيم فاجتهدوا أيها  المسلون في تدبر هذا القرآن الكريم والعمل به تصديقاً لأخباره وامتثالاً لأحكامه فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم فلا هدي أكمل من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أجتمع الخلق كلهم على أن يسنوا طريقاً يوصل إلى الله أفضل من طريق النبي صلى الله عليه وسلم لوجدوا ذلك غير موصل بل هو باطل كل طريق أبتدعه الناس ليصلوا به إلى الله فإنهم لن يصلوا إليه لا يصلون إلى الله إلا من طريق محمد صلى الله عليه وسلم كل معاملة كل شيء في الدنيا كل شيء يمارسه الإنسان من حقوق الله أو حقوق العباد أو أعماله الخاصة بنفسه ليست موافقةً لشريعة الله فإنه لا خير فيها يقول الله عز وجل )أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50) إن خير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ في دين الله بدعةٍ وكل بدعة ضلالة ليس كل ما أحدث يكون بدعة إلا ما قصد به التعبد لله عز وجل أما الأمور العادية فإن الأصل فيها الحل حتى يقوم دليلٌ على تحريمها ولهذا شطح قوم فظنوا أن كل شيء حدث فإنه بدعة ولكنهم أخطاؤا في الفهم إن البدع التي فيها الذم هي البدع الدينية التي يفعلها الإنسان بل التي يتبعها الإنسان ليتقرب بها إلى الله عز وجل فإنه لا قربة إلى الله تعالى إلا بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم كل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة إن الجماعة أيها المسلمون أن تجتمعوا على دين الله عز وجل أن تجتمعوا حيث أمرتم بالاجتماع وأن لا تتفرقوا في دين الله فتكونوا شيعا إن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار أيها المسلمون إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائلٍ عليما )إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) إنكم إذا صليتم على نبيكم فإنما تصنعون ذلك لأنفسكم لأنكم تجازون أكثر مما عملتم إن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرةً واحدة صلى الله عليه بها عشرة  اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته وإتباعه ظاهراً وباطناً اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن أولاده الذكور والإناث وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين اللهم ارزقنا إتباعهم بإحسان يا رب العالمين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين صغيرهم وكبيرهم يا رب العالمين اللهم إنا نسألك أن تصلح بطانة ولاة أمورنا اللهم أصلح بطانة ولاة أمورنا اللهم أصلح بطانة ولاة أمورنا اللهم هيئ لهم بطانةً صالحةً تدلهم على الخير وترغبهم فيه وتبين لهم الشر وتحذرهم منه اللهم من كان من بطانة ولاة أمور المسلمين غير مستقيمٍ على دينك ولا ناصح لهم ولا عبادك فأبعده عنهم يا رب العالمين اللهم أنزل في قلوبه بغضك حتى يبعدوه عنهم واخلف عليهم خيراً منه يا رب العالمين إنك على كل شيءٍ قدير اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن تصلح ولاة أمورنا وأن تصلح بطانتهم يا رب العالمين وأن تصلح شعبنا شبابهم وشيوخهم وكهولهم ذكورهم وإناثهم يا رب العالمين اللهم اجعلنا متعاونين على البر والتقوى متآخين في دين الله متحابين في الله يا رب العالمين اللهم اجعلنا ممن امتثلوا أمرك في قولك )وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104) اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم اللهم إنا عبادك نحن في انتظار فريضةٍ من فرائضك مفتقرون اليك غاية الافتقار وأنت الغني عنا اللهم فتقبل منا وأستجب دعاءنا يا رب العالمين اللهم تقبل منا وأستجب دعاءنا يا رب العالمين اللهم تقبل منا واستجب دعاءنا يا رب العالمين ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم صلي على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم من أراد بالمسلمين سوءً فاجعل كيده في نحره اللهم من أراد بالمسلمين سوءً فاجعل كيده في نحره اللهم من أراد بالمسلمين سوءً فاجعل كيده في نحره وشتت شمله وفرق جمعه وأهزم جنده واجعل تدبيره تدميراً عليه وأجعل بأسهم بينهم يتقاتلون ويتجارحون حتى يهلكون يا رب العالمين إنك على كل شيءٍ قدير والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..





مزايا شهر رمضان

مزايا شهر رمضان
(للشيخ محمد بن صالح العثيمين-رحمه الله-)
 
شهر رمضان له مزايا على غيره:
- منها: أنَّ الله سبحانه وتعالى أنزل فيه القرآن؛ كما قال تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [البقرة:185].
- ومنها: أنَّ الله جعل فيه ليلة القدر التي أنزل الله في شأنها سورة كاملة؛ فقال تعالى: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [القدر:1-3] وقال فيها: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ } [الدخان:3] فوصفها الله تعالى بالبركة.
- ومنها: أنَّ الله سبحانه وتعالى رتب مغفرة الذنوب والآثام لمن صامه إيمانًا واحتسابًا؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ).
ومعنى قوله: (إيمانًا)؛ أي: إيمانًا بفرضيته, وإيمانًا بما رتب الله عليه من الأجر, (واحتسابًا) لهذا الأجر؛ أي: أنك تحتسب صومك على الله عز وجل بأن يثيبك على صيامك, فمن صامه إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِرَ الله له ما تقدم من ذنبه.
- ومنها: أنَّ من قامه إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِرَ الله له ما تقدم من ذنبه؛ كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- ومنها: أنَّ من قام ليله إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِرَ الله له ما تقدم من ذنبه.
- ومنها: أنَّه شهر الجود والكرم, والعفو والإحسان, ( كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس, وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فالرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة )
 وقد سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ).
 
فينبغي للإنسان أن يغتنم هذه الفرصة في الشهر المبارك, وأن يُكثر من الصلاة والذكر وقراءة القرآن، والصدقة والإحسان إلى الناس بالمعاونة والشفاعة الحسنة, وغير ذلك من أنواع البر والخيرات, لعل الله تعالى أن يعامله بالخير والبركة.
 
المصدر: لقاء الباب المفتوح (116/3)
الرابط من مدونة: (الانتقاء من درر فتاوى العلماء)

ليكن حجك مقبولا إن شاء الله

ليكون حجك مقبولاً إن شاء الله

الشيخ: محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-

السؤال:

يقول: رجلٌ مسلم يريد الحج، ما هي الأمور التي ينبغي أن يعملها المسلم ليكون حجه مقبولاً إن شاء الله؟

الجواب:

الأمور التي ينبغي أن يعملها ليكون حجه مقبولاً:

o    أن ينوي بالحج وجه الله -عزَّ وجلَّ-، وهذا هو الإخلاص.

o    وأن يكون متبعًا في حجه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو المتابعة.

وكل عملٍ صالح فإنه لا يقبل إلا بهذين الشرطين الأساسيين: الإخلاص، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ[البينة: 5].

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمري ما نوى)).

ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).

فهذا أهم ما يجب على الحاج أن يعتمد عليه: الإخلاص، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم. وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في حجته: ((لتأخذوا عني مناسككم)).

o    ومنها: أن يكون الحج بمال حلال؛ فإن الحج بمال حرام محرم لا يجوز؛ بل قد قال بعض أهل العلم إن الحج لا يصح في هذه الحال، ويقول بعضهم:

إذا حججت بمال أصله سحت .. فما حججت ولكن حجّت العير

يعني: حجت الإبل.

o    ومنها: أن يتجنب ما نهى الله عنه؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ[البقرة: 197] فيتجنب ما حرَّم الله عليه تحريمًا عامًا في الحج وغيره من الفسوق والعصيان، والأقوال المحرمة، والأفعال المحرمة، والاستماع إلى آلات اللهو ونحو ذلك، ويجتنب ما حرم الله عليه تحريمًا خاصًا في الحج؛ كالرفث: وهو إتيان النساء، وحلق الرأس، واجتناب ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبسه في الإحرام. وبعبارة أعم يجتنب جميع محظورات الإحرام.

o    وينبغي أيضًا للحاج أن يكون لينًا سهلاً كريمًا في ماله وجاهه وعمله وأن يحسن إلى إخوانه بقدر ما يستطيع.

o    ويجب عليه أن يجتنب الإيذاء إيذاء المسلمين؛ سواء كان ذلك في المشاعر، أو في الأسواق فيتجنب الإيذاء عند الازدحام في المطاف، وعند الازدحام في المسعى، وعند الازدحام في الجمرات وغير ذلك.

فهذه الأمور التي ينبغي على الحاج أو يجب للحاج أن يقوم بها.

ومن أقوى ما يحقق ذلك أن يصطحب الإنسان في حجه رجلاً من أهل العلم؛ حتى يذكره في دينه، وإذا لم يتيسر ذلك فليقرأ من كتب أهل العلم ما كان موثوقًا قبل أن يذهب إلى الحج؛ حتى يعبد الله على بصيرة.

فتاوى نور على الدرب





كلمة بليغة بين يدي رمضان ,وبيان أهمية الوقت



كلمة بليغة بين يدي رمضان، وبيان أهمية الوقت
الشيخ: محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-
السؤال:
فضيلة الشيخ: نقاط مهمة أحب أن يكون لكم فيها لنا نصيحة وتوجيه: رمضان في هٰذا العام الليل طويل والنهار قصير بارد، ومن المتوقع أن يضيع الليل على الكثير شيبًا وشبابًا، أما الكبار من الرجال والنساء فإن المسلسلات والأفلام لهم بالمرصاد، إذا طال الليل طالت، ونوعت علىٰ حُبٍّ وغرام، وأما الشباب فالبراري والأحواش والدشوش ولعب البلوت والورق، أرجو من فضيلتكم بسط الجواب عسى الله أن ينفع بكم عباده؟
الجواب:
واقع هٰذا السؤال مؤلم، أن يُفني الإنسان عمرَهُ في مثل هٰذه الأمور، سواء في رمضان أو في غير رمضان.
إنني أقول: لو أن إنسانًا فقد درهمًا واحدًا من ماله لصار يبكي عليه ويطلبه! ولو أنه ضاع عليه في الحساب خطأً درهم واحد لذهب يكرر الحساب مرة بعد أخرىٰ حتىٰ يعرف أين كان هٰذا الدرهم! لا شك أن هٰذا هو الواقع عند كثير من الناس أو أكثرهم، وهٰؤلاء مساكين يضيعون ساعات العمر واللحظة منها أفضل من الدنيا كلها، اللحظة منها إذا لم يصرفها الإنسان في طاعة الله فهي خسارة لا تعوض، المال يمكن أن يعوض بأن يتجر الإنسان ويربح، أو يموت له قريب غني ويرث، لكن العمر لا يعوض أبداً، إذا فات منه لحظة أبعدتك من الدنيا وأقربتك من الآخرة، ويدلك على أن العمر أغلىٰ من المال كله: أنَّ الله قال في كتابه: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ[1] هٰذا المال الذي أفنىٰ عمره به يطلب من الله أن يرجع ليعمل بهٰذا المال صالحًا، ولكن أنَّى ذٰلك! قال الله تعالى: ﴿كَلَّا[2]؛ أي: لن ترجع، ثم أكد عزَّ وجلَّ أنها كلمة حق: ﴿إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا[3] الله أكبر! يقولها الإنسان وإن لم يسمع، يمكن أن من عنده لا يسمعونه لكنه قائلها، ولهٰذا جاءت الجملة اسمية، لم يقل: إنها كلمة يقولها، قال: ﴿كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا[4] بالتأكيد؛ ولكن لا تنفع ﴿وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ﴾ إلى متى؟ ﴿إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ[5] ولا يمكن أن يعودوا إلى الدنيا.
هٰؤلاء الذين يمضون أوقاتهم في هٰذه المقولات -في السؤال- هم أعظم الناس خسارة وأفدحهم -والعياذ بالله- هٰذا في غير رمضان، فما بالك في رمضان! الذي ساعته غرر، وأوقاته درر، والإنسان لا يدري هل يدركه بعد عامه أو لا يدركه، كم من إنسان استقبله فلم يدركه، وكم من إنسان أدرك أوله ولم يدرك آخره؟ وكم من إنسان أدركه كله ولم يستفد منه شيئًا؛ لأنه أمضاه في المعصية؟ الله أكبر!
السلف الصالح يُقال عنهم: إنهم يسألون الله ستة أشهرٍ أن يبلغهم رمضان، فإذا أتىٰ سألوا الله ستة أشهر أن يقبل منهم رمضان، وهٰؤلاء يفرطون في هٰذا الشهر هٰذا التفريط -والعياذ بالله-!
الشيوخ والعجائز يمضون الليالي في المسلسلات واللغو من القول؛ بل والمنكر من القول أحيانًا، ولست أقول هذا مُعمِّمًا لكل الشيوخ والعجائز؛ بل في الشيوخ والعجائز -ولله الحمد- من يبيتون لربهم سجدًا وقيامًا في رمضان وفي غيره؛ لـٰكن الناس ابتلوا الآن بفتنة دخلت عليهم في البيوت، ولم يستطع أن يتخلص منها إلا من شاء الله هدايته.
فنصيحتي لإخواني: أن يتقوا الله -تعالىٰ- في هٰذا الشهر، وأن يُقبِلوا على العبادة، وإني ليغلب علىٰ ظني أنَّ قومًا انقطعوا إلى الله -عزَّ وجلَّ- شهرًا كاملاً في عبادته صيامًا في النهار، وقيامًا في الليل، وصدقات، وقرآن، وذكر لله -عزَّ وجلَّ-، أعتقد أنهم سيجدون تربية، وأن هٰذا سيؤثر علىٰ قلوبهم حتىٰ يستقيموا على أمر الله.
الله الله يا إخوان! أوصي نفسي قبلكم وأوصيكم أيضًا: بأن ننتهز هٰذه الفرصة العظيمة.
اللقاء الشهري (33/2)

الرابط من مدونة: (الانتقاء من درر فتاوى العلماء)

مثل نور الله في قلب عبده المؤمن


مَثلُ نورِ الله في قلبِ عبدهِ المؤمِنْ


مَثلُ نورِ الله في قلبِ عبدهِ المؤمِنْ
للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله
ضرب الله سبحانه وتعالى النور في قلب عبده مثلاً لا يعقله إلا العالمون، فقال سبحانه وتعالى: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ قال أبيُّ بنُ كعب : «مَثَلُ نُورِه في قلب المسلم ».
وهذا هو النور الذي أودعه في قلبه مِنْ معرفته ومحبته والإيمان به وذكره، وهو نوره الذي أنزله إليهم، فأحياهم به، وجعلهم يمشون به بين الناس، وأصلُه في قلوبهم، ثم تَقْوَى مادته، وتتزايد حتى تظهر على وجوههم وجوارحهم وأبدانهم، بل ثيابهم ودُورهم، يُبْصِرُه مَنْ هو مِنْ جنسهم، وسائر الخلق له منكرون.
فإذا كان يوم القيامة برز ذلك النور، وصار بأيمانهم يسعى بين أيديهم في ظلمة الجِسْر حتى يقطعوه، وهم فيه على حسب قوته وضعفه في قلوبهم في الدنيا، فمنهم من نوره كالشمس، وآخر كالقمر، وآخر كالنجم، وآخر كالسراج، وآخر يُعْطَي نوراً على إبهام قدمه، يضيء مرة ويطفأ أخرى، إذ كانت هذه حال نوره في الدنيا، فأُعْطِىَ على الجسر بمقدار ذلك، بل هو نفس نوره ظهر له عياناً، ولما لم يكن للمنافق نور ثابت في الدنيا، بل كان نوره ظاهراً، لا باطناً = أُعطِى نوراً ظاهراً مآله إلى الظلمة والذَّهاب.
وضرب الله عز و جل لهذا النور، ومحلِّه، وحامله، ومادته مثلاً بالمشكاة، وهي الكُوَّة في الحائط، فهي مثل الصَّدْرِ، وفي تلك المشكاة زجاجة من أصفى الزجاج، وحتى شُبِّهت بالكوكب الدُّرِّيِّ في بياضه وصفائه، وهي مثل القلب، وشُبِّه بالزجاجة لأنها جمعت أوصافا هي في قلب المؤمن، وهي: الصفاء، والرقة، والصلابة، فيرى الحق والهدى بصفائه، وتحصل منه الرأفة والرحمة والشفقة بِرقَّتِه، ويجاهد أعداء الله تعالى، ويغلظ عليهم، ويشتد في الحق، ويصلب فيه بصلابته، فلا تُبْطِل صفةٌ منه صفةً أخرى، ولا تعارضها، بل تساعدها وتُعاضِدُها، ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ وقال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ.
وفي أثرٍ: «القُلوبُ آنيةُ الله تعالى في أرْضه، فَأحَبُّها إليْهِ أرَقُّها، وَأصْلَبُها، وَأصْفَاها».
وبإزاء هذا القلب قلبان مذمومان في طرفي نقيض :
أحدهما : قلبٌ حَجَرِيٌّ قاسٍ لا رحمة فيه، ولا إحسان ولا بِرّ، ولا له صفاء يَرى به الحق، بل هو جبارٌ جاهل؛ لا عالمٌ بالحق ولا راحمٌ للخلق.
وبإزائه : قلبٌ ضعيف مائيّ، لا قوة فيه، ولا استمساك، بل يَقْبَل كل صورة، وليس له قوة حفظ تلك الصُّور، ولا قوة التأثير في غيره، وكلُّ ما خالطه أثَّر فيه، من قويٍّ وضعيف، وطيِّبٍ خبيث.
وفي الزجاجة مصباح، وهو النور الذي في الفتيلة، وهي حاملته، ولذلك النورِ مادّةٌ، وهي زيتٌ قد عُصِر من زيتونةٍ في أعدل الأماكن، تصيبها الشمس أول النهار وآخره، فزيتُها من أصفى الزيت وأبعده من الكدر، حتى إنه ليكاد من صفائه يضيء بلا نار، فهذه مادة نور المصباح.
وكذلك مادة نور المصباح الذي في قلب المؤمن، هو من شجرة الوحي التي هي أعظم الأشياء بركة، وأبعدها من الانحراف، بل هي أوسط الأمور وأعدلها وأفضلها، لم تنحرف انحراف النصرانية، ولا انحراف اليهودية، بل هي وسط بين الطرفين المذمومين في كل شيء، فهذه مادة مصباح الإيمان في قلب المؤمن.
ولما كان ذلك الزيت قد اشتد صفاؤه حتى كاد أن يضيء بنفسه، ثم خالط النار، فاشتدت بها إضاءته، وقويت مادةُ ضوءِ النار به = كان ذلك نوراً على نور.
وهكذا المؤمن قلبه مضيء يكاد يعرف الحق بفطرته وعقله، ولكنْ لا مادة له من نفسه، فجاءت مادة الوحي فباشرت قلبه، وخالطت بشاشته، فازداد نورا بالوحي على نوره الذي فطره الله تعالى عليه، فاجتمع له نور الوحي إلى نور الفطرة، نورٌ على نور، فيكاد ينطق بالحق وإن لم يسمع فيه أثراً، ثم يسمع الأثر مطابقاً لما شهدت به فطرته، فيكون نوراً على نور، فهذا شأن المؤمن يدرك الحق بفطرته مجملاً، ثم يسمع الأثر جاء به مفصلاً، فينشأ إيمانه عن شهادة الوحي والفطرة.
فليتأمل اللبيب هذه الآية العظيمة، ومطابقتها لهذه المعاني الشريفة، فَذَكَر سبحانه وتعالى نورَه في السموات والأرض، ونورَه في قلوب عباده المؤمنين، النورَ المعقولَ المشهودَ بالبصائر والقلوب، والنورَ المحسوسَ المشهود بالأبصارِ، الذي استنارت به أقطار العالم العُلْوي والسُّفْلِي، فهما نوران عظيمان، أحدهما أعظم من الآخر.
وكما أنه إذا فُقِد أحدهما من مكان أو موضع، لم يَعِشْ فيه آدميُّ ولا غيرُه؛ لأن الحيوان إنما يتكوَّن حيثُ النور، ومواضعُ الظلمة التي لا يشرق عليها نورٌ لا يعيشُ فيها حيوانٌ، ولا يتكوَّنُ ألبته = فكذلك أمة فُقِد منها نور الوحي والإيمان ميتة، وقلبٌ فُقِد منه هذا النور ميّتٌ ولا بُدّ، لا حياة له ألبتة، كما لا حياة للحيوان في مكانٍ لا نور فيه.
شيخ الإسلام ابن تيمية
الإمام ابن قيم الجوزية
الإمام ابن قيم الجوزية
العلامة ابن سعدي
الإمام ابن قيم الجوزية
الإمام ابن قيم الجوزية
من مدونة أبو راشد

الجمعة، 27 مايو 2011

هل يجوز استخدام الجرائد كسفر للأكل عليها؟ وإذا كان لا يجوز، فما العمل فيها بعد قراءتها؟


لا يجوز استعمال الجرائد سفرة للأكل عليها، ولا جعلها ملفاً للحوائج، ولا امتهانها بسائر أنواع الامتهان، إذا كان فيها شيء من الآيات القرآنية أو من ذكر الله عز وجل. والواجب - إذا كان الحال ما ذكرنا - حفظها في محل مناسب، أو إحراقها، أو دفنها في أرض طيبة.

نشر في كتاب (فتاوى إسلامية)، من جمع/ محمد المسند، ج3، ص: 456، وفي جريدة (عكاظ)، العدد: 10877، في 7/1/1417هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الثالث والعشرون.

من الموقع الرسمى للشيخ بن باز

الثبات مع كثرة الفتن


مستلمون آخرون:


بسم الله الرحمن الرحيم
سلامٌ عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه نصيحة للجميع بالصبر والثبات حتى الممات على منهج السلف الصالح ، فأن الأمة كانت مجتمعة ومتحدة فدب فيها داء الأمم : وهو الاختلاف والتفرق ، وخرجت فيها الفرق الكثيرة والطوائف المتناحرة ، التي بسببها أريقت الدماء وتفرقت الكلمة وتشتت الجماعة وضعفت الشوكة ؛ فكان من أهل الحق على عادتهم أن ردوا هؤلاء النافرين إلى جادة الحق والصواب إمتثالاً لقوله تعالى : ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ﴾ . [ آل عمران : 103 ] ، فمن استجاب هدي ومن أبا حذروا منه حماية للمجتمع من شره .
ولقد صدق الصحابي الجليل حذيفة - رضي الله عنه ، وهو صادق في نصحه - دخل أبو مسعود على حذيفة فقال له : ( أعهد إلي ؛ فقال له : ألم يأتك اليقين ! قال : بلى وعزة ربي ، قال : فاعلم أن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكره ، وأن تنكر ما كنت تعرفه ، وإياك والتلون فإن دين الله واحد ) . " سنن البيهقي الكبرى " : (10/42) ، و " مصنف عبد الرزاق " : (11/249) ، و " اعتقاد أهل السنة " - للالكائي - : (1/90) ، و " الإبانة " : (1/189) .
وهذه وصية أخرى من عبد الله بن مسعود قال : ( إنكم في زمان كثير فقهاؤه قليل خطباؤه قليل سؤاله كثير معطوه ؛ العمل فيه قائد للهوى ، وسيأتي بعدكم زمان قليل فقهاؤه كثير خطباؤه كثير سؤاله قليل معطوه ؛ الهوى فيه قائد للعمل . اعلموا أن أحسن الهدى في آخر الزمان خيرٌ من بعض العمل ) . وقد أخرج هذا الأثر الإمام مالك في " الموطأ " : (1/173) . عن يحيى بن سعيد أن عبد الله بن مسعود قال لإنسان : ( إنك في زمان كثير فقهاؤه … ) إلى آخره ؛ ثم قال بن عبد البر : ( والعيان في هذا الزمان على صحة معنى هذا كالبرهان ) .
هذا في زمانه - رحمه الله - فكيف بزماننا هذا !؟
وعن محمد بن سيرين قال : قال عدي بن حاتم - رضي الله عنه - : ( إنكم لن تزالوا بخير ما لم تعرفوا ما كنتم تنكرون وتنكروا ما كنتم تعرفون ، وما دام عالمكم يتكلم بينكم غير خائف ) . "الإبانة " : (1/ 190) .
ومصداق ما تقدم ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رؤسًا جهالاً فسئلوا ، فأفتوا بغير علم ؛ فضلوا وأضلوا ) .
وقال شيخ الإسلام : ( إن ما عند عوام المسلمين وعلمائهم أهل السنة والجماعة من المعرفة واليقين ، والطمأنينة والجزم بالحق والقول الثابت والقطع بما هم عليه ؛ أمر لا ينازع فيه إلا من سلبه الله العقل والدين ) . " مجموع الفتاوى " : (4/48) .
وقال الأصبهاني : ( ومما يدل على أن أهل الحديث هم أهل الحق : أنك لو طالعت إلى جميع كتبهم المصنفة قديمهم وحديثهم مع اختلاف بلدانهم وتباعد ما بينهم من الديار ، وسكون كل واحد منهم في قطر من الأقطار . وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة ونمط واحد يجرون على طريقة لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها . قولهم في ذلك واحد ونقلهم واحد لا ترى فيهم اختلافًا ولا تفرقًا في شيء ما وإن قل . بل لو جمعت جميع ما على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم وجدته كأنه جاء على قلب واحد وجرى على لسان واحد ، وهل على الحق دليل أبين من هذا !؟ ) . "الانتصار لأصحاب الحديث " للسمعاني : ( ص 45 ) .
الخاتمة : عن أنس - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر من أن يقول : ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) ، فقلت : يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به ؛ فهل تخاف علينا !؟ ، قال : ( نعم ! إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء ) . [ رواه الترمذي : 2140 ، وابن ماجة : 3834 ] .
-الشيخ محمد بن رمزان الهاجري